الجمعة، أكتوبر 12، 2012

المثليه الجنسية، مفسرون الدين، والتبعيه العميانيه

المثليه الجنسية، مفسرون الدين، والتبعيه العميانيه




فوز فهد خالد

الحوار المتمدن-العدد: 3755 - 2012 / 6 / 11 - 19:25

المحور: حقوق مثليي الجنس



علماءُ الدين والمفسرون أليسوا بشر من لحم ودم؟

لم أصبحنا نُصدق بشرٌ مثلنا بشكلٍ عمياني؟ لم نصدق تفاسير أُناسٍ يستحيل الإيقان بصحةِ كلامهم؟
المثليه, أغلبُ الناسِ يُحَرمونَها بثقةٍ عميانيه و يدعمونَ رأيهم بالمثال الذي يزعم الكل إنه ينتمي للمثليه ألا وهو فعل قوم لوط. لكن، سؤالي هو: هل تعرفون فِعلة قومَ لوطٍ حق المعرفه؟ هل قرأتم بأنفسكم أم أنكم تُكرِرون ما توارثته الأجيال؟ قوم لوط هل تعلمون لأي دنائةٍ كانوا؟
إخواني، أخواتي، قوم لوط كانوا يسمون "أهل المؤتفكة" لأنّهم كانوا أهل افك ولغو ولهو وباطل ودجل وفساد، لايستحيون من فعل القبيح، يأتون المنكرات بمحضر النساء, لا يتطهرون من الجنابة ،بخلاء أشحّاء على الطعام, كانوا قوم كل من فيهم فاسد، وفجورهم لم تشهده الأقوام من قبلهم.
قوم لوط, لم يكونوا يمارسوا ما يفعلونه بينهم, أو لم يذكر انهم عوقبوا لهذه الممارسة -إن كانوا يمارسونها- بل السبب الرئيسي الذي عاقبهم عليه جلّ وعلا -الفعل الذي يُنسب للمثليه- أنهم كانوا يعتدون جنسياً على كل رجل يمر بمدينتهم: يقطعون طريقه, يسرقون أمواله, يعتدون عليه جنسياً رغماً عنه بالعلن أمام مرئى الجميع, ثم يقتلونه. حى أصبح الناس يخشون المرور بمدينتهم, بل لم يعد أحدٌ يمر بهم بعد انتشار فعلتهم.
أما عن تفسير آيات القران، قوم لوط، قيل لهم (أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) أي: القيام بالفاحشة علنا, أمام مرئى بعضكم البعض. (أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ) أي: تأتون الرجال رغما عنهم وأنتم تستطيعون ممارسة شهواتكم مع نسائكم دون شذوذ الاغتصاب.( بل انتم قوم تجهلون): لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا. وقوله تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ): الفاحشه هنا ترمز لقطع الطريق, السرقه, الاعتداء الجنسي, ثم قتل المسروق. الفواحش والفجور فيهم لم يكن موجود في الأمم من قبلهم. ولو تأملنا بالأيه، كلمة فاحشة ليست موجهه للمثليه بل لأفعالهم الشنيعه من اغتصاب وسرقه، (أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) أي شخص قارئ للتاريخ يعلم ان المثليه موجوده منذ الأزل غير وجودها في كثير من المخلوقات الفطريه الأخرى, فلم قرر الله المعاقبه عليها في قوم لوط؟ لأنه عقوبتهم لم تكن متعلقه بالمثليه بل لفسادهم، طغيانهم، وجورهم. (ما سبقكم بها من أحد) تشير للفواحش التي كانوا يرتكبونها، فالمآثم والمحارم والفواحش التى اخترعوها لم يسبقهم بها أحد من بنى آدم ولا غيرهم، وليست المثليه. فالاعتداء الجنسي وإتيان الشخص رغما عنه, لا تمت للمثليه بِصلة, فالمثليه ليست ممارسه جسديه فقط, بل هي أرقى من ذلك بكثير, والعلاقات الجسديه جزء من الهويه فقط, بل هنالك نوع من المثليه لا تدخل فيه أي نوع من العلاقات الجنسية وتسمى (المثليه العاطفيه). وإن دلّ ذلك على شئ فإنه يدل على أنها علاقات إنسانيه قبل ان تكون جسديه, وليست جنسيه فقط.
بعد هذا التوضيح، هل مازلت تؤمن بأن فاحشة قوم لوط هي اتيان الرجال (فقط) ام فاحشة قوم لوط كانت إجبار الرجال علي مواقعتهم دون رضاهم بالإضافه لفجورهم وسوء أخلاقهم؟
قوم لوط، لو كانوا ذوي اخلاق ولا يوجد بهم فساد وكانوا يمارسونها بينهم برضاء الطرفين -وليس اغتصابًا- لقلنا أن الله عاقبهم بسبب المثليه. لكن, هل كانوا أُناس صالحين ذوي اخلاق ساميه وعاقبهم الله؟ قوم لوط, أليست كلمة شاذون هي ما تليق بهم؟ هل تظن أي مثلي فيه ذرة اخلاق و إنسانيه ممكن ان يقبل بما فعله هؤلاء؟
أعزائي, المثليه وإن لم تذكر بالإسلام أنها موجوده قبله فهذا لا يعني أنها لم تكن موجوده قبله، فالإسلام لم يوجد منذ الأزل.ولو كانت المثليه معصية عظيمه لحرمها الله و سنَّ عواقبها منذ أول دين سماوي أُنزل. لكن, كل رفضٍ للمثليه بالإسلام لمواقف حدثت في ذاك الزمان وليس رفض للمثليه بصوره عامه. على عكس السرقه أو الزنى فقد وضعت لها قوانين عامه ومفصّله, صارمه و واضحه بالكتاب الكريم, وقد دخل القرآن بكل تفصيله للزنى والسرقه, وسنّ العواقب بوضوح تام. لكن لو تقرأ وتبحث ستجد ان المثيله غير مذكوره كثيرا بالقرآن على عكس المعاصي العظيمه الأخرى, ولو كانت معصيه عظيمه لما تساهل الله في إيضاح عواقبها، لكن القرآن لم يدخل بتفاصيل المثليه، وهذا ان دلَّ فإنه يدل كل الوضوح على عدم صحة ما يقال إنها من الذنوب العظيمه. فلو كانت كذلك لذكرت بتفاصيلها كما ذكرت تفاصيل الزنى.
الدين الإسلامي دينٌ متسامح, يحاسب على العبادات و على نوايا القلب.
لنستحضر قصة البغي - زانية من زواني بني إسرائيل- التي سقت كلب فأصبحت من أهل الجنه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :( والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمن فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله به كبائر الذنوب.)
قال شيخ الإسلام رحمه الله : فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر الله لها ، وإلا فليست كل بغي سقت كلباً يُغفر لها .
وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : "التقوى ها هنا" وأشار إلى صدره.
فلو تتأمل في كل هذا، تجد ان الدين الإسلامي دين ينظر للقلب، لما تنويه في سرك، لشخصك القابع في داخلك. فالبغي من المعاصي العظيمه التي يعاقب عليها الدين الإسلامي، لكن إخلاص النيَّة بقلبها و شخصها جعلها من أهل الجنه، وهذا يدل على أن الإسلام ينظر للصلاح ,الاخلاق, النيّه, والتقوى فوق كل شئ. وأيضا يدل على غيبيات الحساب بحيث لايحق لأي مخلوق الجزم بدخول شخص ما النار او بكون شخص ما عاصي.
الإسلام دينٌ سمح أسمح من كل مُتعصبٍ يوصِلُهُ بصوره يصعب العيش معها. لذلك لا تتبع أحد بل اتبعه انت بنفسك وبما تقتنع فيه.
للأسف, هنالك سوء فهم كبير للمثليه بخلط المثليين الحقيقيين بالغير حقيقيين. والمثليين انفسهم يعانون ممن ينسبون للمثليه وهم لا يمتون لها بصله, فالمثليين الغير حقيقيين, مثليتهم جنسيه فقط فلا فرق لديهم سواء مارسوا شهواتهم مع رجل، إمرأة، أو حتى أداة. فهم يُمارسون لإفراغ شهوة فقط لا غير، ممارسه مُجرّده من المشاعر.
لو لم يرد الله وجود المثليين لما خلق فيهم هذا الميل، وكما نعلم لا يقع شيء في هذا الكون إلا بمشيئته و إرادته جلّ جلالُه، لذلك لايمكن ان يُعاقِب الإسلام إنسان -مؤدي لتعاليمه, صالح، ذو آخلاقٍ، مؤمن، مصلي، مسالم، لا يؤذي أحد، يساعد الغير- فقط لأنه مثلي. فالمثلي ليس شاذا، الشاذ هو من يعتدي على الأطفال، من يغتصب النساء، أو يأتي الحيوانات. الإسلام يعاقب على عدم استقامة الأخلاق, فهو دينُ عدلٍ، دينُ إنسانيه، دين حقٍ و مساواة، فلا يمكن ان يعاقب إنسان -مستقيم, سوي, ذو خُلق- على شئ لم يختاره هو, بَل فِطرَةٍ وُلد فيها.
سؤال لكَ, لكِ, ولكل من يقرأ: لماذا عندما يكون في حياتك شخص- ذو اخلاق, صالح , ومسالم- فور اكتشافك لمثلييته تنظر له بنظرة الإنسان العاصي, الغير سوي, المجرد من الأخلاق والصلاح؟ وكم من صديق زاني تعامله و كأنه لم يرتكب شئ؟ لم تقبلون بالزنى وترفضون المثليه؟ لم تعاملون الزنى على إنها غلطة شهوة عابره، وتعظمون ذنب المثليه، وبالنهايه الله هو الأحق في تقييم عمل عباده؟
المثلي لايمارس الفاحشه مع أي شخص كما يفعل الزاني. المثليون كالمغايرون، منهم الصالح ومنهم الطالح, يعيشون علاقاتِهم كما يعيشها المغايرون، علاقات راقية ساميه.
ولا بد أن تفهم المجتمعات بأن المثليون ان كانوا مسلمون فهم بالقرآن يؤمنون، وللدين وتعاليمه يتبعون، يُصلون، يُزكون, يَصومون، يَعتمرون، ويَحجون.
وان كانو مسيحيون فهم بالإنجيل مؤمنون، وان كانوا غير ذلك فسيبقى المثلي إنسان مسالم لا يضِّرُ أحداً. وقبولهم بما هم عليه لن يضر، وقبولك للمثلي لا يعني انه يجب عليك ان تؤمن بما يؤمن به او تقتنع بما يقنع به المثلي، فلو مشينا على هذه القاعده لغدونا وحيدون.
فلم الرفض ان كان الشخص صالح، ذو آخلاق,ومسالم؟
قبول المثليين لن يفسد مجتمعكم ولن يفسد أبنائكم. بل قد يكون ابنك أو أقرب الناس لك مثلي، فبدل الانشغال بالكُرهِ، أبدؤوا بقبولهم, ساندوهم, وكونوا بجانبهم. فكم من مثليي أنار بعلمه, وكم من مغاير هدم ودمّر. فكون الشخص مثلي لا يعني أنه خلق للرذيله والفاحشه، بل منا من هم ابعد مايكون عن الفساد، فكفوا عن ظلم المثليه بربط كل ماهو غير أخلاقي بها, وكفوا عن تبعية مصطلحات وأفكار توارثتها الأجيال، وأبدؤوا اليوم، الآن، منذ هذه اللحظه بمحو صورة المثلي الغير مثالي, واستبدلوها بمصطلحات جديده لإنسان صالح لايختلف عن المغاير، مصطلحات إنسانيه بعيده عن الكره.
آن الأوان لتغيير الفكره المنتشره عن المثليين، فلو سنحت الفرصه لكل شخص التعايش مع إنسان مثلي لفهم ان المنتشر كلها أفكار خاطئه. وفي اليوم الذي سيفهم فيه المجتمع المثليه حق الفهم، سيحزن على كل لحظه أساء بها لإنسان مسالم لايضر أحداً.
في الختام، بطبيعتنا نميل للتبعية ولا نُتعِب أنفُسنا بالبحث عن الحقائق، لكن، إبحث بِنَفسِك عن الحقائق بدل تصديق ما يقوله المفسرون بعميانية, فهم بالنهايه بشرٌ مثلك وليسوا آلهه.
إبحث، إقرا، حلل، وتأمل...



رابط الموضوع على الحوار المتدمن

هناك تعليق واحد:

  1. أظن أن النص صريح في هذا الصدد يقول عز وجل "أتأتون الرجال شهوة "ولم يقل أتأتون الرجال غصبا.

    ردحذف

We live by our words online, your words will remain in print "forever"

التدوين من اجل الكلمة , فاجعل كلمتك تعبر عنك ولتبقى للأخر العمر