الأربعاء، أبريل 11، 2012

نعم: دفاعاً عن المثليين 1 و 2

صفاء المسعودي
الحوار المتمدن - العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:17
المحور: حقوق مثليي الجنس
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع


عتدنا من البعض كليشة "ليس دفاعاً عن فلان" ثم ينبري يدافع عنه بالحق والباطل وهذه الكليشة هي إحدى صور الازدواجية التي يتميز بها الفرد العراقي, إلا انني هنا أدافع عن المثليين ولست أدعو للمثلية ولكن أدعو للتوقف عن اضطهاد هذه الفئة من العراقيين التي لا ذنب لها بما ورثته أو تعرضت له في الصغر، وحمايتهم مما يتعرضون له على يد الجهلة الذين يلعب بهم خطباء الجمعة كما يلعبون بأحجار الشطرنج، من الذين نصبوا انفسهم آلهةً تتحكم بدماء العراقيين. واليوم يُقتل المثليون وقد سبقهم الحلاقون وباعة الخمور والصحفيون والعلماء ولا نعلم دور من سيأتي غداً؟؟.

كنت اتحدث قبل ايام مع صديق ايرلندي وتذكرنا بعض اصدقائنا وكان احد الذين ذكرناهم صديقنا ديفيد كورتني، استاذ تاريخ الفن والنقد الفني في جامعة فلوريدا وقد تبسم الايرلندي ابتسامة خبيثة ولانني ادركت سبب الابتسامة وهو ان ديفيد متزوج من الجنس الثالث (الخنثى) قلت له انني لا اتعامل مع الاخرين انطلاقاً من ميولهم الجنسية, واذا كان هناك إله يدعي انه خلقنا فعليه ان يتحمل مسوؤلية خلقه.
لقد استطاع العلم الكشف عن الكثير مما كان يجهله الأولون الذين تركوا بصمات الجهل في عقولنا و تأثيرها على شخصياتنا.
تقسم المثلية الجنسية على قسمين:
القسم الأول:
ويدعى المثلية الطبيعية (يولد الطفل مثلياً) ونسبتها اثنين بالمئة من البشر وفقاً لـ Havelock Ellis المتخصص بالابحاث الجنسية..
ويتعامل عامة المجتمع العراقي مع الجنس الثالث على انه/ا شاذ او منحرف جنسياً لجهلهم او تجهيلهم من قبل الحاكمين بأمر الله بالاسباب التي تودي لولادة مثل هذه الحالات.
تقول الدكتورة فدوى محمد بشير المغيري الاستاذة المساعدة لعلم النفس البيولوجي في جامعة الامارات :

"يولد الطفل الطبيعي بـ 23 زوجا من الكرموزومات اي 46 (كروموزوم). الكرموزومات الاثنان والعشرون الزوجية الاولى فيها الصفات الوراثية التي ورثها الطفل من والديه وآخر كرموزومين هما الكرموزومان الجنسيان (XX) في حالة اذا كان المولود انثى و(XY) اذا كان المولود ذكرا، والحقيقة انه في المراحل المبكرة من نمو الجنين تكون الاعضاء التناسلية متطابقة ويكون لدى الجنين ما يسمى بالقنوات المولرية (وهي ممهدات للاعضاء التناسلية الانثوية) باختصار شديد جينات ذكرية تسمى الخصايا تحول الاعضاء التناسلية الى (SRY) التي تفرز الهورمون الذكري التيستوستيرون الذي يؤدي الى نمو القنوات الوليفية وضمور القنوات المولرية،مؤديا الى نمو الجنين بصورة ذكرية، وفي حال غياب (SRY) يغيب التيستوستيرون وبالتالي تنمو القنوات المولرية وتنمو الاعضاء التناسلية ليكون الجنين أنثى.
اما في حالة زملة الخنثى والتي تحدث بين كل 400 ـ 600 حالة ولادة ذكرية وفيها يولد الجنين بعد 47 (كرموزوم) فيكون (XXX) الحالة النمطية لهذه الزملة وتكون فيها الاعضاء التناسلية الظاهرة ذكرية مع صغر واضح للخصيتين وبروز ثديين صغيرين وارجل طويلة؛ ضعف في التكيف الاجتماعي ومشاكل صحية اخرى.
اما حالة بين الجنسين فتكون ناتجة عن مشاكل هورمونية في المرحلة الجنينية لتكوين الاعضاء التناسلية، فرغم ان الجنين يحمل الكرموزومات التي تجعله انثى. الا ان الجين الذكري (SRY) ينتقل الى احدى كرموزوماته وبالتالي يكون لديه او لديها اما مبيض وخصية او خصيتان أو مبيض وخصية في كل جهة، كذلك قد يكون الجنين يحمل الكرموزومات التي تجعله ذكرا (xy) لكنه لن يسبب طفرة في الجين الذكري فيولد باعضاء تناسلية ذكرية غير كاملة النمو." (سيدتي)
و وفقاً للمعهد الوطني الامريكي للصحة فأن حالة واحدة بين 500 مولد تولد بعد 47 كرموزوم.

و يوافق رأي الدكتورة فدوى د. ولاء فخر استاذ امراض النساء والتوليد والعقم واستشاري امراض النساء والتوليد والعقم في ابو ظبي "على اهمية الكرموزومات الا انه اضاف الى اهمية الهورمونات والتي تكمن المشكلة فيها في عدم اداء هذا الهورمون لوظيفته وبالتالي يكون الشكل الخارجي للذكر كالانثى، وبالمثل هناك حالات مرضية يكون التكوين الكرموزومي للإنسان انثوي ومع ذلك يتم افراز هورمونات ذكورية من مصادر اخرى كالغدة الجار كلوية والتي تقع فوق الكليتين وبالتالي يكون الشكل الخارجي للانثى كالذكر من حيث نمو الشعر والمواصفات الجسدية الاخرى التي تميز الذكور". (سيدتي)
فما يحدث اثناء المرحلة الجنينة في الارحام فهذه مسوؤلية الله و ((هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (آل عمران آية 6)
المثلية والجينات الوراثية
يقول الدكتور نجاتي بسيسو رئيس الأطباء بشركة «راس غاز» ونائب رئيس جمعية السكري " إن هناك آراء علمية تؤيد أن يكون مرد بعض حالات الشذوذ الجنسي سواء لدى الفتاة أو الفتى إلى عوامل وراثية فالجين هو الشفرة التي تُخبر الخلايا في الجسم أي نوع من الإنزيمات تفرز، وبأي كمية، وكذلك تتحكم الجينات في أنواع وكمية الهورمونات التي يفرزها الجسم. والهورمونات بدورها تتحكم في تكوين ووظائف أجزاء كثيرة من الجسم."
ويذكر بيسيو ان هناك اكتشاف علمي حديث، حيث "أكد العلماء أن هناك نسبة بسيطة من الخراف تكون مثلية مئة بالمائة ولا تقترب من النعاج أبداً. فحملت هذه الاكتشافات بعض العلماء للقول إن الشذوذ الجنسي ليس منبعثاً عن ظروف اجتماعية دوماً كما يظن البعض، لأن الشمبانزي والخراف تتصرف حسب الطبيعة ولا تتحكم فيها الموانع الاجتماعية مثل الإنسان. وإذا كان هذا صحيحاً فلا بد أن يكون الشذوذ الجنسي موروثاً عن طريق الجينات في بعض حالاته ." (العرب القطرية)
وقد دفعت هذه الاكتشافات العالمان Shang-Ding Zhang and Ward F. Odenwald
من المعهد القومي للصحة، في ولاية ماريلاند الأمريكية ، بدراسة ذبابة الفاكهة التي تتوالد مرة كل أسبوعين. وعزل هذان العالمان " جيناً" واحداً اعتقدا أنه المسؤول عن السلوك الجنسي في الذبابة وحقنا هذا الجين في ذكور الذبابة ثم وضعا الذباب ( ذكوراّ وإناثاً) في وعاء زجاجي كبير للمراقبة. و تبين لهما أن الذكور أصبحت تجامع بعضها البعض ولم تهتم بالإناث. ولذلك قررا أن هناك جيناً واحداً من مجموع جينات مسؤولة عن تكوين الشذوذ الجنسي في الذكور (مواقع).
اما د‏.‏ عبد الهادي مصباح فقد رفض نتائج التجربة قائلاً:
" فيما يتعلق بالجينات الوراثية‏:1‏ ـ لم يثبت حتي الآن انه قد تم اكتشاف جين محدد فقط يكون مسئولا عن سلوك معين‏,‏ فهذا لايحدث الا في الكائنات الادني واذا كانت هناك بعض الابحاث التي تشير الي وجود جين وراثي في ذبابة الفاكهة مسئول عن الشذوذ الجنسي فان السلوكيات في الانسان موضوع آخر مختلف‏,‏ فأي سلوك بشري يكون مسئولا عنه مجموعة من الجينات تتراوح ما بين اقل من عشرة بقليل وحتي عدة مئات من الجينات وليس جينا واحدا مثلما هو الحال في الكائنات الأدني‏,‏ ومن خلال معرفة ذلك نستطيع ان نتبين ان الميل الجنسي لايمكن ان يكون مسئولا عنه جين واحد‏ oneGeneoneTrait‏" (مواقع).
ويبدو ان الدكتور عبد الهادي مصباح لم يكن مطلعاً بعد على الحيوانات الاخرى التي تمارس المثلية الجنسية دون تغيير اي من جيناتها او محاولة التأثير على سلوكيتها.
.يقول فرانس دي ووال مؤلف كتاب بونوبو (بونوبو قرد افريقي هو الاقرب جينياً للانسان) "تقريباً كل البونوبو يمارسون الجنس مع الجنسين" (ناشونال جيوغرافيك).

كما ان رأي الدكتور عبدالهادي مصباح لا يؤخذ به علمياً لانه رأي مؤدلج لا يمكن النظر إليه على انه مادة علمية فهو يبدأ مقاله " هل هناك جينات مسؤولة عن المثلية الجنسية؟" بالحديث عن الدين والمنطق والاخرة والحساب والكفر والايمان ثم ينهي مقاله بالقول " وربما تتسع المساحة لاحقا لكي نتحدث عن الاسباب المنطقية والدينية التي تجعل من المستحيل ان يكون الميل الجنسي المثلي نتيجة لوجود جينات تقهر وتجبر الانسان علي فعله‏.‏"
ولا ادري ما علاقة الدين والمنطق ويوم الحساب بعلم الجينات؟ وكيف لشخص يدعي العلم ويحترم نفسه يورد كلاماً قاطعاً مثل كلمة مستحيل في قضايا علمية بحتة؟

يحاول المؤدلجون والوعاظ اثبات ان سبب المثلية الجنسية هو سوء التربية وضعف الوازع الديني وان الله خلق الانسان على الفطرة . تقول الدكتورة حنان عيسى أخصائية الطب النفسي "إن الإنسان يولد طبيعياً سليماً على الفطرة مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، فالإنسان يولد سوياً من الناحية النفسية والخلقية" (العرب القطرية) وعلى طريقة الوعاظ تحمل الاهل مسؤولية هذا "الانحراف ".
ونحن لا ننكر الجانب الاجتماعي وتأثيره على سلوك الفرد "فالفرد والمجتمع وجهان لحقيقة واحدة" و سوف نتطرق الى هذا الجانب لاحقاً ، ولكن لا يكمن في ظل الحقائق العلمية ان نحمل الفرد و المجتمع فقط مسؤولية المثلية الجنسية ، فأذا كان المجتمع يؤثر على سلوك الفرد فأن الحيوانات على الفطرة التي فطرها الله عليها كما يقول المؤدلجون انفسهم والحيوانات في البراري تتصرف حسب الطبيعة ولا تتحكم فيها الموانع الاجتماعية.

وقد وثقت "ناشونال جيوغرافيك" سلوك وممارسات جنسية مثلية لاكثر من أربعمائة نوع من الحيوانات في البراري اي انها تعيش طبيعتها دون تأثير خارجي على طبيعتها..
http://www.youtube.com/watch?v=7RlTAyNI8WE

وقد نشرت القبس بتاريخ 14/12/2008 الخبر التالي:

المثلية وراثة

قام طاقم علمي سويدي من معهد كارولين، بقيادة ايفانا سافيش بدراسة خصائص دماغ المثليين والمثليات، لتحديد الفروقات بينهم وبين الشخص العادي، وقد توصل الطاقم الى وجود اختلاف في موقع نواة الدماغ «اللوزة». وحسب سافيش، فان عدم التناظر في تركيبة دماغ المثليين، ينمو بصورة وراثية منذ الطفولة، وليس له علاقة بالتربية البيئية او التعليم، كما يدعي بعض المختصين، حيث تظهر صفات الانوثة عند المثليين في سنوات حياتهم اللاحقة. وكان الباحث البريطاني غازي رحمن، من جامعة لندن قد اشار الى هذه الصفة، وقال انها تظهر عند المثليين منذ الولادة، فالمثلي يولد مثليا.
وقد حلل الطاقم العلمي السويدي، خواص الجينات الوراثية للمثليين، والمطبوعة في حافظ الـDNA، الموجود في نواة الخلية. والهدف هو البحث عن الجين المسؤول عن هذه الصفة او الحالة.
وقد توصلوا الى بعض النتائج المهمة، ومن بين هذه النتائج ان الجينات الانثوية عند المثليين وراثية، وهي المسؤولة عن هذه الصفة.
ولكنهم اكدوا، ان الجهد العلمي يجب ان ينصب على دراسة سلسلة الجينات الانثوية، لان الأم الحاملة لهذه الجينات هي المسؤولة عن نشرها في الابناء.
وفي هذا الاطار، اثبت العالم الايطالي اندريه كامبيريو ــ كياني من الجامعة الايطالية ان اقارب المثليين لديهم في الغالب اطفال اكثر من الآخرين. وان البحث الوراثي ربما يستغرق فترة اطول، لذلك يجب ان يهتم المختصون بتحليل فسلجة الانسان كجزء من العمل العلمي الشامل.
¶ د. مهدي السعيد ¶

لا ادعي ان كل المثليين خلقوا مثليين كما لا ادعي ان هذه هي الاسباب للمثلية الجنسية ولكن اقول ان هذه الفئة من المثليين وذات التشوه الجسماني بسبب اضطرابات احد اختلالات الكرموزومات ، خلقوا هكذا ويجب التعامل معهم على هذا اساس لا ان يوقف بعض السفلة من رجال الشرطة الشاب ((احمد سعدون صبيح)) و يجبروه "على رفع قميصه ليّظهر ثدييه لهم الذان لافرق بينهما من حيث الشكل والحجم عم ثدي امرأة ناضجة" (حسين المدرس كتابات 7/5/2009)
اننا نتأثر و نحزن حين نرى طفلاً يولد برجل واحدة او من غير ذراعين او مختلاً عقلياً او اعمى او مشوهاً او اخرس او اطرش الى اخر الذين خلقوا "فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" وما اكثرهم اما الخلق المشوه المرتبط بالجنس فأننا ندعو لقتلهم وفقاً لشريعة دين الرحمة فأما " أن يضرب بالسيف ، أو يحرق بالنار ، أو يلقى من شاهق مكتوف اليدين و الرجلين ، أو يهدم عليه جداراً"، او كما دعى احد المتدينين الى الختم على مؤخراتهم ولا ادري ماذا يريد ان يحتوي الختم؟ ربما "محروسة سيد مالك" .





نعم: دفاعاً عن المثليين 2




صفاء المسعودي
الحوار المتمدن - العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 08:57
المحور: حقوق مثليي الجنس
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع



تطرقنا في الجزء الأول من هذا الموضوع الى أسباب المثلية الطبيعية حيث يولد البعض مثلياً، ونحاول في الجزء الثاني تسليط الضوء على المثلية المكتسبة.

القسم الثاني

المثلية المكتسبة واسبابها

هي المثلية المكتسبة ويكون سببها بالدرجة الأولى المجتمع بتقاليده وأعرافه، وأهم اسباب المثلية الجنسية المكتسبة:


* الفصل بين الجنسين:

يقول الدكتور علي الوردي "دأب وعاظنا على تحبيذ الحجاب وحجر المرأة فنشأ من ذلك عادة الانحراف الجنسي في الرجل والمرأة معاً." "وقد دلت القرائن على ان المجتمع الذي يشتد في حجاب المرأة يكثر فيه ،في نفس الوقت، الانحراف الجنسي من لواط وسحاق وما أشبه."
"ظن وعاظنا أنهم يستطيعون أن يمنعوا الانحراف الجنسي بواسطة الكلام والنصيحة وحدها. غير دارين بان الانحراف طبيعة اجتماعية لابد من ظهورها في كل بلد يحجب النساء فيه عن الرجال" (وعاظ السلاطين)

ويرد بعض المتحذلقين على من يقول بهذا الرأي بالقول "إذا كان هذا صحيح فلماذا تنتشر المثلية الجنسية في الغرب" ينسى هؤلاء ان المجتمع الغربي واضح ولا يخشى ان يعلن عن نسبة المثليين، إلا أن همنا التكتم على "الفضيحة" في مجتمعاتنا القبلية، ولذلك لا نعلم ماهي نسبة المثليين في مجتمعاتنا، وربما كان أغلب المثليين في الغرب قد ولدوا مثليين، أما في مجتمعاتنا فأزعم أن أغلب حالات المثلية هي مثلية مكتسبة. ونقطة أخرى هي أن الإباحية والحرية الجنسية غير المقيدة بضوابط لها سلبياتها أيضاً، ففي الغرب لم يقتصر الأمر على أختلاط المرأة والرجل في العمل أو المدرسة بل تعداه وقد نتج عن هذه الإباحية الكثير من المشاكل النفسية المرتبطة بالسلوك الجنسي.


ويقول الدكتور الوردي "ان نسبة الانحراف الجنسي تزداد بين البحارة والجنود والمساجين وفي كل مجتمع يخلو من النساء أو تتحجب النساء فيه." (مهزلة العقل البشري)

ويذكر الوردي الكثير من الأمثلة على الإنحراف الجنسي الذي أحد أسبابه عزل المرأة عن الرجل ولكني أرتأيت أن أنقل ما عايشته شخصياً.

كان أول شجار شاهدته في السجن (1989) بين "شقيين" أحدهما من الناصرية والاخر من مدينة الثورة (الصدر لاحقاً)، كان يتوسط ساحة المعركة شاب غنوج إبتلاه ربه بلمعة في الخدين وعرض في الردفين. وبدأت المعركة بـضربة رأسية "كلة" تلتها قَبَضات "بوكسات" وتخللها بعض "الدفرات"، كان سبب الشجار هو الفوز بالشاب الغنوج الذي كان من المفترض ان "يرجع" للمنتصر بالمعركة، والذي سوف يفتخر بأنه حصل على "الحلو".
ان هذه الحادثة لا تتعلق بثلاثة أشخاص فقط وإنما تبين حالة تقبل مجتمع السجون للمثلية الجنسية و لم يكن يطلق على المثلية كلمة شذوذ أو إنحراف بل كانت تزين بكلمات اخرى تجعلها حالة إجتماعية طبيعية ومقبولة.

سبقت فترة السجن فترة الخدمة العسكرية لم يكن الحال كما هو في السجن بالتأكيد إلا هناك حالات عدة واللواط كان منتشراً في الوحدات العسكرية، ويكثر كلما طالت مدة بقاء الجنود في ثكناتهم العسكرية، ولم يكن الأمر مقتصراً على الجنود، لكنه تعداهم الى الضباط ومن ضمنهم آمر فوجنا الذي إختار أجمل شاب في الفوج ليكون مراسلاً له (ليس مراسل صحفي).

أما أكثر حالات المثلية الجنسية وأسوأها كانت في مخيمات السعودية، (الأرطاوية و رفحاء) أقول أسوأها لأنها مثلية جنسية تغلفت بغطاء الدين، ولقد أنتشرت المثلية الجنسية في هذه المخيمات بشكل كبير وبأشكال عدة، وللأمانة لم تكن المواقعة الجنسية تشكل الجانب الأكبر من هذه المثلية.
كان مجتمع المخيمات تغلب عليه ظاهرة التدين الظاهري وبالتالي لا يكمن الحديث بشكل علني عن المثلية الجنسية أو التفاخر بها كما هو الحال في السجون.
حاول بعض الوعاظ الوقوف بوجه هذه الظاهرة بواسطة الوعظ الديني وتثقيف الشباب دينياً دون إيجاد بدائل واقعية، ولم يكن الذنب ذنبهم في ذلك لأنه لم يكن هناك أي بدائل.
الذي حصل أن أحدهم بدل أن يغني (للحلو ماله) "علاوي نور عيوني يا علاوي" أصبح يقول له (أحبك في الله مولاي) ، وبدل جلسات السمر المعتادة في هذا المجال أصبح الأخ يجلس مع من "يحبه في الله" يقرأون دعاء كميل أو الزيارة.
مولانا الدعاء أو الزيارة لا تقبل أذا قرأت مع شخص (أچلح أملح)؟؟
مولانا الله جميل ويحب الجمال!!
وأصبح الحال كما هو حال المتصوفة عندما عزلوا أنفسهم عن النساء فأصطحبوا الاحداث.
يعتقد الوعاظ أن التثقيف الديني سوف يُغَيّر طبيعة الإنسان وما دروا أنه لا يُغَيّر إلا اللسان.


يذكر الدكتور الوردي ان "اللواط ينتشر بين الرهبان الذين ينقطعون لعبادة ربهم في الاديرة المنعزلة"
وقد تناقلت وكالات الأنباء العام الماضي إعتذار البابا لضحايا التجاوزات الجنسية ضد الأطفال التي إرتكبها كهنة أستراليون، حيث حكم القضاء في أستراليا على 107 كهنة ورجل دين كاثوليكي لإرتكابهم إعتداءات جنسية أو قيامهم بعمليات إغتصاب.
و 107 كهنة هذا عدد من ارتكب الجرائم ولا نعلم عدد المعتدى عليهم فلربما كان ضعف العدد.

وعندما كنت أدرس مع الرهبان البوذا في المعبد حيث تحرم الديانة البوذية على الراهب ملامسة النساء كان الكثير من الرهبان ينقسمون على قسمين رهبان دجالين ورهبان صادقين.
الدجالون كان لهم حبيبات وعلاقات سرية مع فتيات أما الصادقون فقد تمسكوا بالتعاليم البوذية فطغت عليهم المثلية الجنسية وكانت واضحة للعيان.

في أحدى المرات جاء معلمي الراهب الشاب متأخراً للدرس، فأعتذر عن التأخير وقال أنه كان يدلك لكبير الرهبان في المعبد. فقلت في نفسي هل هذا المعبد للعبادة أم للتدليك؟
وكنت قد تعرضت شخصياً للمضايقة من قبل راهب تايلندي وقور، فبعد أن سلم عليّ باللغة العربية تبادلنا أطراف الحديث فعرفت أنه أستاذ في جامعة بوذية في تايلند وكان مثقفاً ومحترماً جداً ولكن لفترة وجيزة.

وفي العراق فقد وصل الفصل بين الجنسين الى حد الجنون فقد تم فصل الطماطة (المؤنثة) عن الخيار (المذكر) و تحريم الجمع بينهما ولا يجوز جمعهما إلا بعقد شرعي في (طاسة الزلاطة). بالرفاه والبنين!


* الأعراف والتقاليد الإجتماعية:

يقال أن العائلة نواة المجتمع وتعتبر أصغر الوحدات الاجتماعية. أما في العراق فأن أصغر الوحدات الاجتماعية مقسمة الى ثلاثة أقسام فالمرأة همها منصب داخل البيت لأن المجتمع أوحى للمرأة أن مكانها الطبيعي هو البيت.
أما الرجل فان المجتمع أوحى إليه أن مكانه الطبيعي خارج المنزل فبعد الإنتهاء من العمل يعود للبيت (المطعم)، ليأكل ويخرج ثم يعود للبيت (الفندق) لينام، أن مجالسة المرأة (الزوجة) غير مرغوب بها إجتماعياً فحتى عشرين عاماً تقريباً كنت أسمع بكثرة في تجمعات الرجال تعبير "تكرم المره (المرأة)، أو تكرم مرتي (زوجتي)" وكلمة تكرم في العراق تستخدم عندما نذكر أشياء أدنى من الأنسان كالحيوانات أو أشياء مهينة في الثقافة العراقية كالحذاء، ولذلك يقضي الرجل أغلب أوقاته خارج منزل العائلة كونه غير راغب بمجالسة ما هو أدنى منه.
أما الطفل فمع أبٍ همه البقاء خارج البيت، وأم همها الطبخ والتنظيف لا يجد أمامه سوى الشارع، وما عسى الشارع أن يعلم الأطفال؟.


الخوف من الفضيحة

حين يتعرض الطفل للإستغلال الجنسي فأن الأعراف والتقاليد الاجتماعية تفرض على الضحية الذي يتعرض/تتعرض للإستغلال الجنسي السكوت خوفاً من الفضيحة والعار والعيب، أن هذا السكوت يزيد من معاناة الضحية، فبالأضافة الى حجم الصدمة النفسية التي تعرض لها الضحية، يمنعهم من تلقي المساعدة النفسية اللازمة في مرحلة مبكرة. والاستغلال الجنسي أحد أهم أسباب المثلية الجنسية المكتسبة. يقول الدكتور وليد الزهراني إخصائي الطب النفسي الإكلينيكي (الرياض-السعودية)، "أن من أسباب الشذوذ الجنسي هو الاعتداء الجنسي على الأطفال إذا لم يتم علاجه وتأهيله نفسيا، مؤكدا أن ما نسبته 80 في المائة من حالات الشذوذ الجنسي لدى الرجل تعود إلى حصول اعتداءات جنسية في الصغر أو المراهقة" (مواقع)

أما د. سعاد محمد المرزوقي دكتوراه في علم النفس الاكلينيكي واستاذة مساعدة في قسم علم النفس بجامعة الامارات فتقول " إن أهم أسباب الشذوذ والذي يشكل 70% يعود الى اعتداء جنسي في الصغر واثناء مرحلة الطفولة فاذا تعرضت الفتاة لاي علاقة غير سوية او اغتصاب او تحرش جنسي يصبح لديها عداوة للرجل مما يدفعها لاقامة علاقة واشباع حاجة مع امراة اخرى مثلها" (سيدتي)


* العامل الاقتصادي:

أعتقد أن العامل الإقتصادي يشكل أحد أهم أسباب المثلية الجنسية، إن لم يكن أهمها. إن الوضع الإقتصادي السيء والفقر الذي عانى ويعاني منه العراقيون، نتج عنه ظاهرة عمالة الاطفال, فقد أكد مسؤولون في منظمة أصوات الطفولة أن "أكثر من مليون طفل عراقي دخلوا ميادين العمل، وغالبا ما يتعرضون إلى العنف والانتهاكات الجنسية نتيجة اتساع دائرة الفقر حيث يعيش ثلث سكان العراق حاليا تحت خطه". وأن "مليون و300 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عاماً يعملون وهذا يمثل 6.1 في المائة من السكان " (صحيفة نقاش)
كما حذر مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) من إزدياد ظاهرة عمالة الأطفال "لقد زاد مشهد عمالة الأطفال في العراق، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على هذه الشريحة من المجتمع" (الشرق الأوسط)

أما شريحة البالغين فقد أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق احصاءات بوجود حوالى مليون وربع المليون عاطل عن العمل مسلجين في القوائم الرسمية. عدد المشمولين منهم بإعانات شبكة الحماية الإجتماعية ربع مليون شخص. (وكالات)

إن الفقر هو أحد أسباب إنتشار المثلية الجنسية المكتسبة، فمع سن البلوغ تنبعث ميول عاطفية ضخمة لدى البالغين، تحمل معها شحنات قوية من الإنفعالات، ممزوجة بقدر كبير من الإثارة الشهوانية، يقف الوضع الإقتصادي في الكثير من الأحيان حائلاً دون الإستجابة لرغبات البالغين، فيعيشوا الحرمان العاطفي مما ينعكس على نفوسهم بمشاعر القسوة والألم واليأس، فيعبرون عن مشاعرهم المحبطة بصور من الإنفعالات الحادة، وقد يكون التوجه الى ممارسة الجنس المثلي أحدى هذه التعبيرات.


* الخطأ في العلاج يزيد الحالة سوءاً.

أبتلى مجتمعنا بمشرعين يعيشون بواد غير واد المجتمع، فسياسيونا على سبيل المثال بدأوا يناقشون مفردات الحصة التمونية بعد أن أصيبوا بالتخمة هم وعوائلهم.
وأما رجال الدين فبعد أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع مع مقبلات مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، يبدأوا بالتشريع للمغضوب عليهم قربة الى الله تعالى، ، وفي العراق الديمقراطي الحديث فقد أصبح رجل الدين، كالطماطة فهي تدخل في كل المأكولات وكذلك رجل الدين يحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة، فلقد أصبح رجل الدين طبيباً، باحثاً إجتماعياً، محللاً نفسياً، طبيباً بيطرياً، حتى وصل الأمر بالعراق أنه يقاد سياسياً من قبل رجال الدين وإن وضعوا وجوهاً أخرى لكنها تتحرك وفقاً لرؤاهم.
أن المشاكل والأمراض الإجتماعية لابد أن تعرض على المختصيين، من علماء الإجتماع والأطباء النفسانيين للوصول الى حلول ناجعة تعالج المشكلة، ولا تحل المشكلة عن طريق خطب الجمعة والدعوة المبطنة الى القتل كما حدث في مدينة الصدر حيث حذر "الشيخ" جاسم المطيري أهالي المدينة من تداعيات ما وصفها بظاهرة المثليين، داعياً إلى منع أبنائهم من عيش هذا النمط من الحياة. (راديو سوا)، ولم تمضِ 48 ساعة على الخطبة، حتى بدأت الجثث تلقى في الشوارع مع ورقة مكتوب عليها شاذ.
متى يفقه هؤلاء أن الأديان حاربت هذه الظاهرة منذ آلاف السنين بنفس الطريقة وقد أختفت بعض تلك الأديان وبقيت المثلية الجنسية الى يومنا هذا لتقول لهؤلاء أنكم لا تحلون المشكلة بتعصبكم ومنطقكم المتخلف وعقولكم المتحجرة، فأبحثوا عن ما هو أجدى وأنفع لكم وللمجتمع الذي أبتلى بكم..